من أنا

صورتي
السعودية
للقراءة الهادفة في كل المجالات طعم مميز ..وللشعر العربي القديم معزة خاصة .

الثلاثاء، 11 يونيو 2013

الثقــــافة ..ماهي؟ الجــزء الثـاني

                                    

تحية طيبة
استكمالا لمفهوم الثقافة والذي كنت قد سبق ونشرت تعريفها بعين الباحثين العرب .
هنا سيكون بمنظور الغربيين ومفكريهم ..وبما تمكنت من العثور عليه .

بداية
لم يشهد التاريخ العربي والاسـلامي إقامة مؤسسة تراتبية كما الحال لدى الكنيسة في اوروبا .
بالتالي لم يكن للفقهاء دور سياسي واجتماعي واقتصادي هناك لأن دورهم كان مفردا من جهة وظرفيا من جهة اخرى .
لقد مارست الكنيسة العنف ضد المثقفين والعلماء حين خالفوا رأيها بحجة ان أراء المثقفين والعلماء والادباء حتى
مخالفة للدين ولتعاليمه حينها للكون والحياة ،لهذا أعدم وسجن وأحرق علماء وفلاسفة مثل :عميد جامعه براغ
جان هوس والعالم غاليليو وغيرهم .إلانه بنهاية عصر الانحطاط انتهى هذا الامر .
اما بالنسبة للحاكم العربي فلا يزال قمع العلماء والمفكرين والمثقفين قائم الى الان بدليل هجرة اكثر العقول العربية(من بعض الدول وبسبب الحروب والظروف )
الى الخارج حيث فرص الابداع والانطلاق نحو المستقبل بفكرهم وعلمهم .
...................
١- عرف الباحث الامريكي جون ديوي الثقافة بأنها (حصيلة التفاعل بين الانسان وبيئته)
اي انها نتيجة علاقة جدلية احد طرفيها هو نشاط الانسان ويعني ماأضافه الى الطبيعه بسبب هذه العلاقة
وهذا النشاط .هذا التعريف بقدر ماهو عام وواسع هو أقرب الى الواقع وذلك لان النشاط الانساني المستمر
المتطور ينتج قيما وتقاليد ومفاهيم .ويكسب الشعوب تجارب غنية وواسعة منها تنظيم العلاقات بين فئاتها
الاجتماعية والاقتصادية ،وبين أفرادها وبينهم وبين السلطة الاجتماعية والسياسية .
....................
٢- عرف تايلور بدوره الثقافة بأنها (ذلك المركب الكلي الذي يشتمل على المعرفة والمعتقد والفن والادب
والاخلاق والقانون والعرف والقدرات والعادات الاخرى التي يكتسبها الانسان بوصفه عضوا في المجتمع .
هذا التعريف هو تكملة لتعريف ديوي وتفعيل له فكل هذه المفاهيم التي اشار اليها هي حصيلة
التفاعل بين الانسان وبيئته من جهة وبين الانسان والاخر فردا كان او مجتمعا ويرى فيها تايلور
مركبا كليا بالتالي علاقة جدلية بين عدة شروط وظروف ومفاهيم شكلت هذا المركب .
............................
٣- كوينسي يرى انها حصيلة النمو التراكمي للتقنيات والعادات والمعتقدات لشعب من الشعوب يعيش في حالة
الاتصال المستمر بين افراده وينتقل هذا النمو الى الجيل الناشئ عن طريق الاباء والعمليات التربوية .
لم يبتعد بتعريفه عن السابقين الا بجزيئات صغيرة , وقد شدد على اعتبارها نتيجة لتراكمات تاريخية 
وانها ليست أمرا عارضا طارئا بل تراكم يحدث خلال  مرحلة تاريخية وينتقل من
الاباء الى الابناء تلقائيا بحكم العيش المشترك والتفاعل المشترك .
........................
٤- آما مالينو فسكي العـالم الأنتر وبولوجي البريطاني يرى انها (جهاز فعال ينتقل بالانسـان الى
وضع افضل ووضع يواكب المشاكل والطروح الخاصة التي تواجه الانسان في هذا المجتمع او ذاك ,
نرى انه عرفها من خلال وظيفتها ودورها في خدمة المجتمع والانسان ,ومساهمتها في تلبية حاجاته 
الاساسية من دون ان يتطرق الى بيئتها وماهيتها , واكتفى بدورها الاجتماعي والانساني وهذا أمر طبيعي 
عندما يقرره عالم بيولوجي انسجاما مع فلسفته وأراءه .
.............................
لهذا أقتصر مفهوم الثقافة في اوروبا على مدلوله الفني والأدبي وتناولته دراسات التربية والابداع.
وعمد الفلاسفة الى تطبيق المناهج العلمية في دراسة المسـائل الانسانية تحت مضمار 
( القطاع الثقافي ) .
حاول الباحثين الالمان والامريكيين الدمج بين الثقافة والحضارة منطلقين من ان الحضارة هي 
نهاية نتاج علاقة الانسان بالطبيعه والبيئة .وان نشـاطه طوال تاريخه صنع هذه الحضارة فهي بالتالي 
ثقافة عامة شاملة , إلا ان اخرون قالوا بوجود فروق بين الحضارة والثقافة على أساس 
ان الحضارة تتمثل بالانتاج الانساني المادي بينما هي تعني المظـاهر الادبية والفلسفية والعلمية ,
اي ان الاولى انتاج مشخص والثانية تتألف من معان عقلية وروحية .
على أي حال فالحضارة والثقافة مفهومان متداخلان يصعب الفصل بينهما ,
علما بأن الثقافة تشير الى ماهو عقلي ( المظاهرالادبية والفلسفية والعقلية )
والحضارة الى ماهو مادي (التقنية والصناعة ).
أخيرا 
من خلال تعدد الرؤى لمفهوم الثقافة وتعريفها وأراء الباحثين 
وجدوا ان أهم تعريف لها يقول :
هي المخزون الحي في الذاكرة كمركب كلي ونمو تراكمي مكون من محصلة من العلوم والمعارف 
والافكار والمعتقدات والفنون والاداب والاخلاق والاعراف التي تصوغ فكر الانسان وتمنحه الصفات 
الخلقية والقيم الاجتماعية كما تصوغ سلوكه العملي في الحياة .
وايضا ..عبارة عن مقاييس اخلاقية ونظرة عامة الى كل جوانب الحياة الروحية والمادية تؤثر في 
سلوك وعادات الانسان وترفع من مستوى الانسان نحو الافضل ,لذا هي :
الوعي المتطور للفكر الانساني وهي الانجاز الرائع لهذا الوعي كما قرر باحثون عديدون ..
                          
                                         

هناك 4 تعليقات:

  1. التعريف الأخير هو الأفضل
    لأن الثقافة فعلا هي ماينعكس على سلوك الناس وعاداتهم وتقاليدهم
    تقبلي أطيب تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. اهلا عزيزتي
      مازال تنوع تعريف الثقافة قائما شرقا وغربا ..حسب الزمان
      لذلك هس مقاييس اخلاقية ونظرة عامة على كل نواحي الحياة المختلفة ..
      دمت بخير وشاكرة لحضورك

      حذف
  2. الاخت زهور الريف.....تحية لك على الجهد الكبير والمبذول في عرض ملخص لبعض افكار كبار المفكرين الغربين فيما يتعلق بتعريف مفهوم الثقافة بصورة عامة......والذي لخصها جون ديوي ب(هو عبارة عن التفاعل بين الانسان وبيئته )انه تفاعل نشط ذو اتجاهين ..!!بينهما.
    او كما عُرفت بانها فلسفة الانسان.....ولا يخفى مدى التفاعل بين البيئة والمجتمع والافراد الذين يعيشون به ..وكيف تلغز الثقافة المجتمعية عقولهم بافكار عامه...لذلك وكما ذكر مالك بن نبي...ان سلوك راعي انكليزي وطبيب انكليزي يتشابهان لانهم من نفس البيئة.... بينما يختلف تصرف وسلوك الطبيب الانكليزي والطبيب العربي رغم ان لديهم نفس المهنة..!! لانهم من جذور ثقافية مختلفة ولان جذورهم لا تغوص في نفس التربة.... نعم ان الثقافة هي التفاعل بي الانسان وقيم المجتمع الذي يعيش به والتي ساهمت الاجيال السابقة في صياغته...
    .................
    تقبلي تحياتي على الموضوع الرائع وكما عودتنا......اخيك

    ردحذف
  3. شكرا لحضورك الذي يثري الادراج ويكمله اخانا الكريم
    تعريف جون ديوي الاقرب للواقع وللدقة كما افضلت ,إلا ان تعريف تيلور أعم فهو يرى العلاقة
    بين الحضارة والثقافة دمجا واتحادا .
    ............
    لاحقا وبإذن الله سأعرج على تعريف المثقف ومهماته ..فجميع الناس مثقفون قياسا لتجاربهم المكتسبة ..
    دمتم بخير

    ردحذف