هذه اﻻغنية اختارتها أوبرا ، هذا الكتاب رشحته أوبرا، هذه الحمية الغذائية تتبعها أوبرا، هذه الرياضة تمارسها أوبرا، هذه النجمة حاورتها اوبرا، وهذا المرشح الرئاسي تدعمه أوبرا!
ماذا في أوبرا وينفري يجعلها المرأة الأشهر في العالم، والثالثة في قائمة أكثر مئة امرأة مؤثرة في القرن، واﻻعلامية الأكثر دخلاً على سطح الكوكب؟!
الغريب أنها تحقق كل هذ النجاح بعد الخمسين.
هذه الفضائل لانعدمها في نساء كثيرات حولنا، كما أنها لدى أوبرا تصبح مهددة دفعة واحدة، عندما تظهر بقامتها الربعة في لقطة شاملة، فتبدو بلا خصر في ملابس فضفاضة كملابس الحوامل أقل من العادية. أم أمريكية سوداء فقيرة، أنهكتها كثرة العيال، وأصبحت معنية بتوسيع طرقهم في الحياة أكثر من عنايتها بتنحيف خصرها !! هل يكمن سر أوبرا في هذه العادية نفسها؟
هل يكمن في خوفها القديم من تاريخ مهدد لم تمحه ثروتها التي تخطت المليار دوﻻر. الخوف الذي يظهر فجأة في تراجع صوتها أو في القهقرة المذعورة لنظرتها. تهب أوبرا في وجه ضيفها السياسي الكبير كعاصفة، أو تقتحمه بنظرة محقق حازم، وفي اللحظة التي يستسلم فيها مذعوراً تجفل هي مثل طفل يمسك بالريموت كنترول ، ويكتشف أنه يسيطر على اللعبة ويوجهها أينما شاء، وحالها يقول بدهشة : أنا من تفعل هذا؟!
تنطلق أوبرا مع ضيوفها من الفنانين وكبار النجوم الذين صاروا يتملقونها، لكن من السهل اكتشاف أن الفرح، ليس سوي طبقة رقيقة تكنسها نسمة الصمت فتبدو من تحتها قسوة ومرارة التشرد، وربما ليقينها بأنها نجمة مرحلة ستنتهي وجزء من لعبة، حيث يستمر ظلم الزنوج في أمريكا بفضل التعويض الوهمي من خلال الدفع بنجوم سود في كل مرحلة، من بيلي هوليداي ومحمد علي كلاي إلى مايكل جاكسون إلي أوبرا.
بمجرد إعلان تأييدها لباراك أوباما زادت شعبيته ، وفي لقاء ظهرت فيه مع اوباما أثناء حملته اﻻنتخابية ، كانت عشرات الالاف الحاضرة جمهورها هي ﻻ جمهوره، تجلت عليهم كملكة، وشرعت تقطع الممر أمامه بحذر ﻻعب سيرك ، يمشي علي حبل مشدود ، متأرجحاً بين مشاعر الخوف والظفر وسط عاصفة من التصفيق.
"لست هنا لأطرح عليكم ما أفكر به، بل بالاحري لأطالبكم بأن تفكروا" قالت ككل المبشرين، الذين ﻻ يعرف الاتباع دائماً بم يفكرون في لحظات كهذه، لكنهم يتركون دائماً اﻻنطباع بأنهم يفكرون ويرون أبعد، وبهذا تكون رسالتهم الحقيقية" لقد فكرت بإخلاص نيابة عنكم، وإن فكرتم ستصلون إلي النتيجة نفسها".
دهشة أوبرا في تلك اللحظة هي في اﻻستجابة المذهلة من الجمهور، والحقيقة التي تعرفها جيداً هي أن الريموت كنترول في يدها يعمل بكفاءة مثيرة للدهشة، لتأمر جمهورها الحبيب بالتصويت لصالح رجل يعرف أين نحن وأين ينبغي أن نكون.
حدثتهم عن الأمل، وذكرتهم بتضحيات مارتن لوثر كينج، وهي تعرف أن اوباما لم يضح وأنه حتي ليس أسود بما يكفي، وفي غمزة لكل شانئي أوباما الذين يعتبرونه أصغر وأقل خبرة من أن يكون رئيساً لأمريكا، قالت إن الخبرة في كواليس الحكومة أقل أهمية من الخبرة في دروب الحياة.
إن كان اﻻمر كذلك وهو كذلك حقاً بدليل صعود رجل محدود القدرات الذهنية مثل بوش ، فلماذا ﻻ تترشح أويرا نفسها رئيسة لأمريكا؟
هذا ما ﻻ يمكن أن تقدم عليه، لن الترشيح معناه أن تغادر البرواز متمردة على قواعد لعبة التعويض الوهمي للسود من خلال الشاشة وأبسط ما سيترتب على هذا التمرد أن تعود بشراً عادياً، وبعد أن كان حلم كل أمريكي أن يعرف أوبرا يصبح سؤال كل امريكي :ماذا تعرف أوبرا؟
تدرك أوبرا بشكل أوضح من باراك أوباما أن الناجحين من السود في المجتمع اﻻمريكي عليهم البقاء كطبقة من الشيكوﻻتة تزين قالباً من الحلوي البيضاء، وﻻ سبيل إلي التغلغل من السطح إلي عمق القالب.
أوبرا مطمئنة، بلاشك، إلي حقيقة أنها نجمة هذا العقد أو العقدين في صناعة الترفيه السوداء التي تعطي إيحاء كاذباً بالعدالة، مثلما كان للملاكم محمد علي كلاي عقده ولمايكل جاكسون عقده.
الفتاة التي عاشت حياة بائسة صارت نموذجاً للحلم اﻻمريكي في أبهي صوره، وهي سعيدة بهذا، ﻻ تخفيه، بل تتحدث عن نبوءة جدتها بأنها ستكون ذات شأن، وقد تحققت النبوءة، وصارت شهيرة وبمقدروها أن تحدث بنعمة الله عليها.
تسخر أوبرا من اﻻقنعة المفروضة عليها، بقدر ما تفخر بما حققته من نجاح جعلها قادرة على الدفاع عن النساء المقهورات.
من يتابع حلقات أوبرا يكتشف اهتمامها ليس فقط بالنساء المقهورات من اﻻزواج بل من الزمن أيضاً، عندما يرزقن بأطفال معوقين، تقدم مشاكل بيضاوات، لكنها تكون بكامل احتشادها العاطفي عندما يتعلق الأمر بامرأة سوداء.
أوبرا السلعة الرائجة لمظهر العدالة العرقية، قررت اﻻعتزال متخلية عن مئتين وستين مليون دوﻻر سنوياً تتقاضاها عن برنامجها الذي تشاهده 112 دولة ، وقد استطاعت بحضورها أن تبيع للأمريكيين وللدنيا حلم أرض العسل واللبن وراء المحيط، بأفضل مما فعل الحكماء من الؤساء الأمريكيين، ودعك من الحمقي.
.....................................................
جزء من كتاب "ذهب وزجاج" للأديب عزت القمحاوي
الناشر: دار نهضه مصر للنشر
تاريخ النشر: 2011
نبذه عن الكتاب
جرت العادة في فن البورتريه أو رسم الشخصيات بالكلمات
على تقديم الأعلام والمشاهير، أي أولئك الذين
يكتب التاريخ أسماءهم
لكن الروائي والصحافي المصري عزت القمحاوي
يجمع في تصاويره في هذا الكتاب
بين النجوم اللامعة المعروفة وبين الأفراد المجهولين
كاشفاً عن أساطير شخصية قد لا يعرفها كثيرون
فهو بذلك ليست لديه «أي نية لتفضيل الذهب على الزجاج
ولكن يدهشه ما يلمع في كل منهما»
في هذا الإطار لا عجب أن يتجاور في هذا الكتاب
عبد الرحمن الأبنودي وإميل حبيبي ومحمد البساطي ومحمد شكري
مع الطباخ أحمد أرسلان ورجل القانون سمير يوسف
والشهيد الفلسطيني زياد أبو عواد
وتتجاور سعاد حسني مع منى الشاذلي
ومارلين مونرو وأوبرا وينفري
ونايجيلا لاوسن نجمة برامج الطهو
وصدام حسين وأحمدي نجاد وتسيبي ليفني
مع «الماريشال علي» مجذوب الحسين
الذي يعرفه كثير من المترددين بانتظام على
حي الحسين في القاهرة
لطالما جذبتني شخصيتها اكثر مما تطرحه في برنامجها، وقدرتها على توجيه المشاهدين الى قضايا منتقاة بعناية ومن زاوية محددة تختارها هي فقط ولاسباب لايعلمها الكثيرون..
ردحذفاختيار رائع زهور وسأقرأالكتاب كاملا باذن الله..
جهودك تستحق الاحترام صديقتي وانتقاؤك لما تقرأين يثير الاعجاب.
شكرا عزيزتي
ردحذفأتساءل دوما
هل تطبق تلك النظرية في عالمنا القائم على التفرقة العرقية في كل الانحاء ؟؟
وأين نحن من الحديث
(لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى)
ويسعد صبااااحك
الاخت زهرة الزهور
ردحذفموسوعة او قل بكبديا ثقافية عالمية تحسدين عليها
ولطالما قلت انكم والثقافة وجهان لعملة واحدة
قراءة اليوم اكثر من رائعة
وتعرفنا فيها على أوبرا عن قرب وخاصة انها اهلاميتى المفضلة ليس كونها سمراء كما انا ولكن كونها عالية الجودة
تحياتى ايتها المكتبة الزاخرة بكل فروع العلم
استاذنا الكبير
ردحذفكلماتك اخجلتني ..اشكرك بعمق
نقرأجميعا شرقا وغربا باحثين عن الذهب والزجاج
عن مايسمو بالنفس ويحلق بها الى معالي الامور
وزيادة حياتنا اشراقا وبهاءا
تحياتي لحضورك ودعمك الراقي
ولبصمتك هنا بالغ الاثر ..
يسعد مساكي غاليتي زهور
ردحذفدائما بتفاجئيني باختياراتك الرائعه
بيعجبني ف اوبرا انها بتحب تسعد البسطاء وبتعطي بدون حدود
لما كنت اتابعها كنت اقول ف بالي اخ بس لو انها مسلمه!!جميل جدا لما يجتمع الذكاء والفطنه والكرم سواا
يسعدك ربي ياغالية
ردحذفماتحلى ادراجاتي الا بمرورك الحلو
اوبرا انسانة ناجحة وبذكائها قدرت توصل للقلوب .
الطيبة والانسانية ماتعرف دين أو مذهب ..
تعرضت في حياتها لهزات زادتها قوة وصلابة ومناعة ضد اليأس .
واليابان اكبر مثال .
حضرت لها في امريكا واتعلمت منها ..كم كانت رائعة فعلا .
بس الغريب هنا معايير النجاح شي تااااني وللاسف .
مو مدح في الغرب ابدا .بس تحلطم( باللهجة الكويتية الحلوة )هههه
لا تغيبي وإلاااا !!
الاخت العزيزة والكاتبةالتي دائمآ ما تبهرنا باختياراتها المنوعة والتي تروقني كثيرآ.....جميل ما اخترتي من الكتاب حول شخصية اوبرا ونفري .....المقدمة الناجحة والتي قدمت لنا مواضيع وافكار رائعة غيرت حياة الكثيرين في الغرب والشرق عبر برنامجها الكبير.....لكي جزيل الشكر على عرض الكتاب ذهب وزجاج
ردحذف....لقد امتعتنا الفقرة منه التي اخترتها لنا...مني كل التقدير......اخيكم
استاذنا البحر الزاخر ..
حذفدوما يكون دعمك حافزا للتقدم والعطاء .
بارك الله فيك وشكري وتقديري لك
استبداد الشيكولاته عنوان لافت جدا
ردحذفولأني من مدمني الشكولاته ذهب خيالي بعيدا
تقبلي اطيب تحياتي