معتقلون بيننا!
يوماً
بعد يوم تثبت التقنية أنها تحاصرنا من كل حدب وصوب. أحد الفضلاء أعاد إلى
جيبه الجوال القديم ذا الوظائف المحدودة جداً، إذ تقتصر وظائفه على إرسال
رسالة وإجراء مكالمة. هجر مؤقتاً الأجهزة المدججة ببرامج المحادثة من
"تانغو" أو "واتس اب" أو "بلاك بيري مسنجر"، يشعر حينها الإنسان بأنه أخف
قليلاً وأقدر على إدراك الأشياء من حوله. نحتاج أحياناً إلى مثل هذه
اللحظات. نغبط أهل التخييم والبر أنهم يجدون أوقاتاً يستطيعون فيها
الانفكاك عن التقنية قليلاً والغرق بالماء والتراب والهواء والطبيعة
والعشب. التقنية جعلتنا أبعد من أنفسنا وأقرب إلى الآخرين، والابتعاد عنها
يجعلنا أقرب من أنفسنا، ولسنا بعيدين جداً عن الآخرين.
شاهدتُ
قبل أيام صورة للهاتف القديم الذي كانت توزعه وزارة البرق والبريد
والهاتف، الجهاز اللطيف الذي كان مرجعاً للبيت كله. إذ يوضع فوق رفّ خشبي
ويكون عنواناً لعشرات الأشخاص في البيت، من الأبناء والبنات وزوجات
الأبناء. يكون هو العنوان لأي محادثة. وهو في وسط البيت، وفي الليل يأتي
ربّ الأسرة ويفصل الهاتف بعد العشاء ليخلد الجميع إلى النوم، فالهواتف
للتواصل وليست في مركز إسعاف! الآن أجهزتنا تنام إلى جوارنا وعلى صدورنا
وتخترق وسائدنا، والقليل منا من يمنح نفسه فرصة الانفكاك عن الأجهزة
والخلود إلى نوم عميق. وبدلاً من أن كان المرء ينام على الكتاب إذ يهدهده
قبيل النوم أصبحنا ننام على "تويتر" و"فيسبوك" أو.. ونحن نجري محادثات
يميناً وشمالاً، أو على الأقل ندمن النظر في جهازنا حتى يسقط على أحدنا من
الإعياء وغلبة النوم!
لستُ
مع الذين يجعلون من التقنية أساس المشكلات وفزاعة الفزاعات، بل أناقش
الآن الفرق بين أن تكون التقنية وسيلة أو أن تكون غاية، بين أن تكون مفيدة
لك وبين أن تكون سارقة لحريتك ووقتك وتركيزك. يا لها من أوقات بددت
بالمحادثات الفارغة أو المهاترات الضيقة. وأجزم أن خمس دقائق من كل ساعة
يعيشها الإنسان تذهب للجوال الكفي، بمعنى أن جزءاً من يومنا يكرّس يومياً
للمحادثات هذه أو لمتابعة أمور ليست بالضرورية.
الوقت
كالسيف إن لم تقطعه قطعك، والتقنية إما أن تكون أنت مسيّراً لها أو أن
تسيّرك. أتذكرون تلك الأجهزة الظريفة اللطيفة التي كانت بين أيدينا أول ما
برزت خدمة الجوال؟! هذه الأجهزة التي يباع ما تبقى منها الآن ب50 ريالاً،
أصدقكم القول اننا نحتاجها أحياناً.. وبخاصة حين يكون الوقت لأولادنا أو
لوالدينا أو للنزهة .
نوفمبر 5th, 2012 at 2:50 م
كيف انت..اعتذر لضعف التواصل بيننا مؤخرا لظروف غلبتني..
انا ما زلت ممن يرفضون الادمان على التقنيات الحديثة بشدة،واكتفي باستخدام هاتفي عند الضرورة فقط رغم الحاح الكثيرين حولي ،مما يدفعني للتساؤل:هل ساعاتنا مليئة بالهام الذي يحتم علينا التواصل عبر (الواتس اب وغيره)و مما لا يمكن تأجيله الى لقاء نهاية الاسبوع مثلا؟؟
اختيار موفق للكاتب والفكرة فشكرا لك…
نوفمبر 5th, 2012 at 4:05 م
الحمدلله بخير واشكرك .لكل منا ظروفه .حياك الله اي وقت .
نعم عزيزتي للتقنية مضار اذا كانت بالشكل المذكور .
لكن الواتس اب والتانجو مهم جدا للتواصل مع البعيدين المهمين في حياتنا فقط .وللجروبات العائلية ايضا حال تفرقهم في البلد الواحد.
لكن ارفض ان اسلمه لصغار السن لغير حاجة .
وان تكون الاسرة الواحدة غريبة في بيتها بسبب الجوال واللاب توب او اي وسيلة اتصال اخرى.
تحضرني طرفة
تقابلت البنت وامها عند باب الثلاجة بالمطبخ .بكت البنت من الفرحة .
والسبب انهم يعيشون بعيدين عن بعض بسب انشغالهم بتلك الوسائل بطريقة خاااطئة.
….
نورت عزيزتي
دمت بخير
نوفمبر 6th, 2012 at 4:31 ص
رائع هذا الطرح اخيرا وجدت من يايدني فقد كنت اتهم بالتخلف من قبل بناتي لعدم رغبتي باقتناء هاتف متحرك متقدم جدا على غرار بلاك بيري اوي اي فون او جلاكسي وغيره ، كانت زوجتي السابقه رحمها الله قد اهدتني هاتف متقدم في ذلك الوقت به كمره وشاشته ملونه وسعته اكبر من الجوال الذي كان بحوزتي ، وبعد وفاة زوجتي بشهرين تعطل الهاتف وكانه حزن على رحيلها ، فاثرت العوده لتلك الاجهزه التي تتحدثين عنها اختي زهور اشتريت جهاز جديد بمبلغ 110 درهم فقط ليس به كمره ولكن شاشته ملونه ، وبالرغم من ان شركتي تدفع لي تكلفة مكالمتي وبدون تحديد للوقت بحكم طبيعة عملي ولكنني لا انفق اكثر من 50 درهم كحد اقصى اسبوعيا شامل جميع مكالماتي الخاصه بالعمل والمكالمات الشخصيه فانا لا احب التحدث على الهاتف الا للضروره وكما تفضلتي لا يعني هذا انني ضد التطور او ضد التكنولوجيا ولككنني معك قلبا وقالبا في تقنين الاستخدام حتى لا نتحول الى عبيد للتكنولوجيا فانا استخدم الكمبيوتر في المكتب لحاجتي اليه في عملي واستخدمه في التدوين واستخدمه في البحث عن مواضيه تهمني احيانا هكذا انا راضي عن نفسي لا اريد اكثر من ذلك مع انني اواجه بالانتقاد لكنها قناعاتي
شكرا لك على هذا الادراج القيم
تحياتي وتقديري
نوفمبر 6th, 2012 at 11:29 ص
اسأل الله الذي لن تطيب الدنيا إلا بذكره
ولن تطيب الآخرة إلا بعفوه
ولن تطيب الجنة إلا برؤيته
أن يديم ثباتك ويقوي إيمانك وصحتك
ويرفع قدرك ويشرح صدرك
ويسهل خطاك لدروب الجنة
وتقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
وكل عام وانتم بخير
نوفمبر 6th, 2012 at 7:03 م
نتهم من قبل ابنائنا احيانا بما ذكرته .فهم ماشاء الله يعلموننا دقائق تلك الاجهزة ومعهم حق فزمنهم غيييييير.
اذكر اني كنت متمسكة بجوالي القديم ولا افرط به (قبل الاي فون ) ويحاولون معي ان اقتني الجديد حتى نجحوا في ذلك ومازال للقديم حنين. والان مع الجديداصبح كل شيء .
حتى بديل للقلم والورقة.
شكرا لحضورك
نوفمبر 6th, 2012 at 7:07 م
امين اخانا الفاضل زياد
وكل عام وانت بخير
شكرا لك
نوفمبر 7th, 2012 at 10:46 ص
مقال رائع جدا
نشكركم عليه فهو به الكثير من الصدق
فأنا حتى الان لا استخدم إلا جوال يفى باغرض المطلوب رغم متابعتى وحبى للتكنولوجيا والتقنية الحديثة
تحياتى
نوفمبر 7th, 2012 at 1:00 م
لكن بلا افراط .
بورك فيك على حضورك الراقي استاذنا