الذكريات في حضرة الموت
...............................
يؤرقني ذكر الموت كثيراً. حاولت أن أقنع نفسي بأن جميع الناس يمرّون
بالحالة نفسها عندما يذكرونه، ولكنني اكتشفت بأن فكرة الفراق، وليس الموت
بالتحديد، هي التي تقض مضجعي بين الحين والآخر. فالموت يبقى بالنسبة
للأحياء أسطورة حقيقية، فالإنسان لا يعرف كنهه حتى يذوقه، ولكنه عندها لا
يعود له معنى، فلقد حصل وانتهى الأمر.
أما الفراق، فيمرّ به الإنسان مرات عديدة في حياته، سواء كان ذلك عندما
يفارق أهله وأحبابه لسفر ما، أو حتى عندما يفقد عزيزاً غيّبه الموت. إن طعم
الفراق لاذع، ولا يكاد يوجد إنسان على وجه الأرض إلا وتجرّع مرارته، ولذلك
فإن البشر عادة يتجنّبون ساعات الفراق حتى وإن قصرت، ويتمنون حينها أن
يعدلوا عن وجهتهم حتى يضعوا حدّاً للمأساة الإنسانية «المؤقتة» التي يمرّون
بها خلال لحظات الفراق.
إن فكرة مفارقة الأهل والأحباب، العمل والأصدقاء، القلم والكتاب،
الأحلام والآمال، المفاجآت واللقاءات… فكرة ترعب الإنسان كلّما عنّ له
ذكرها. وعندما نفارق الشيء فإننا نحمل معنا جزءاً منه ظناً منا بأن ذلك
سيعيننا على لأواء فراقه وسيخفف عنا حزن الابتعاد عنه، ولكنّه في الحقيقة
يبقينا حبيسي الذكريات التي ما أن تتجدد خواطرها في قلوبنا حتى تحملنا على
بساط الأسى لتذيقنا مرارات الحياة التي نسعى جاهدين طوال حياتنا لتجنّبها.
يحب الإنسان الذكريات بطبيعته، فنرى بعض الناس يحتفظون بصور أحبابهم
معهم أينما رحلوا، وهناك من يدوّن يوميّاته حتى تعود به، كلّما اختلس النظر
إليها، إلى أيامه الجميلة. هذا ما نعتقده، ولكننا في الحقيقة نحب أن نأسر
أنفسنا في سجن الذكريات، فالذكرى مهما كانت جميلة، فإنها تطوّح بنا في
نهايتها وترمي في قلوبنا ببعض الأسى الذي نعشقه لأسباب لا نعرفها.
الوقت عدوّ الإنسان اللدود، وعلى الرغم من استيعابنا لهذه الحقيقة إلا
أننا لا ننفك ننظر إلى الساعة في كل حين، بل يتفاخر الكثير منا برتابة
جدوله اليومي حتى يستطيع أن يستغل وقته بالصورة المثلى.
لم نفكّر يوماً في ترك الوقت جانباً والعيش لبعض الوقت دون الرجوع إليه.
يتذمر الإنسان ويقول بأن الحياة قصيرة، هل حقاً قصيرة هي الحياة؟ أم أن
شغفنا بمقاومة الوقت هو الذي يضيع حياتنا في معركة لن نكسبها وإن طال
الزمن! أفكر كثيراً في الإنسان الأول، عندما كان الوقت بالنسبة له شيئاً
مجهولاً تماماً مثل النار.
كيف كان البشر يقضون أوقاتهم حينها؟ هل كانوا يخشون مرور الأيام أمام
ناظريهم دون أن يوزّعوا نشاطاتهم بطريقة تضمن لهم استغلالها بطريقة صحيحة؟
أم أنّهم كانوا يعيشونها كيفما جاءت ولا يودّعونها كيفما رحلت؟
ما هو تعريف الذكريات؟ وهل ترتبط دائماً بالمشاعر أم أن كل شيء علق
بأذهاننا يمكننا أن نطلق عليه كلمة ذكرى؟ كيف يمكننا أن نختار من الذكريات
ما يبقى في أذهاننا وما يمحى؟ قد تكون الذكريات إحدى أدبيات الحياة
الإجبارية، التي لا شأن للإنسان في صياغتها، فهي تختزن في عقله رغماً عنه،
وتعنّ له هواجسها في أوقات قد لا يكون في حاجة إليها.
لا يمكن للإنسان أن يقاوم الذكريات، تماماً مثلما لا يمكنه أن يقاوم عدم
قراءة نص تقع عليه عيناه. حاول أن تنظر إلى نص مكتوب بلغتك الأم ولا
تقرأه، أراهنك بأنك لن تستطيع ذلك. هناك أمور في حياتنا ليس لنا في رفضها
أو قبولها خيار، وكل ما يمكننا فعله في تلك المواقف هو أن نختار بينها، لا
أن نحاول منعها.
إن خوفنا من الفراق هو خوف من أشباح الذكريات التي قد تظل تطاردنا طالما
نحن في رحلة الغياب، لذلك فإننا نحاول أن نحمل معنا بعض الصور والعطور
وأشياء أخرى لنجبر عقولنا على سلك منحى معين لذكرياتنا، ولكننا في الحقيقة
نقع فريسة لها فتذرف مآقينا دموعاً لا نستطيع أن ننكر، حتى وهي تؤلمنا،
بأنها تريحنا في بعض الأوقات.
ولكن، هل من ذكريات بعد الموت؟ لا أعرف إجابة عن هذا السؤال، ولكنني أظن
بأننا بعد الموت لا نخشى من أن تطاردنا الذكريات، ولكننا نخشى على أحبائنا
من أن تؤلمهم ذكرى فراقنا، ولذلك فنحن لا نستطيع أن نتقبل فكرة الموت حتى
وإن كان إيماننا كبيراً جداً.
يحاول كثير من الناس أن يخلّدوا أسماءهم في الدنيا، ولا أعلم لماذا
يفعلون ذلك وهم يعلمون تماماً بأن ذلك لن ينفعهم بعد موتهم. لربما أراد
هؤلاء أن يقولوا لنا بأن الموت هو إحدى الذكريات أيضاً، التي يجب أن لا
تنسيهم أنّهم كانوا يوماً رجالاً عظاماً.
لماذا يخاف الإنسان على أطفاله إذا علم وهو في سنّ مبكرة بأنه ميت لا
محالة بسبب مرض عضال؟ ولماذا يحزن لفكرة فراقهم وهو يعلم بأنهم سيلحقونه
ولكن بعد بعض الوقت؟ هل يتمنى بعض الناس أن يموت جميع أحبابه معه في نفس
اللحظة حتى لا يتألّم أحدهم لفراق الآخر؟ نقرأ في القصص دائماً عن تضحيات
قام بها أب أو أم من أجل أن يعيش أطفالهم، أو ليس من الأفضل لهم أن يموتوا
جميعاً حتى يبقوا في كنف العائلة حتى بعد الموت؟
إنّه الخوف من الذكريات ولا شك، والخوف من المجهول أيضاً. فالجهل بما
يحدث بعد الموت يخيف الإنسان ويجعله يتمنى لأحبابه أن يبقوا أحياء على
الأرض على الرغم مما فيها من آلام ومخاطر، ولكنه على الأقل يعلم ما سيمرّون
به وما سيواجهونه من مصاعب وآلام، أما الموت فقد يكون مؤلماً جداً لهم،
لذلك فإنه لا يريد لمن يحب أن يتجرّع تلك المرارة.
إن موت الإنسان جزء من حياته، حتى وإن كان ذلك هو الجزء الأخير منها،
فإنه لا يلغي حقيقة أنه واقع ملموس، لا يشعر به الإنسان إلا بعد نهايته.
والذكريات فقط هي التي تجعل من الموت فكرة مخيفة، ولو استطاع الإنسان أن
يعيش من دونها فلربما تقبّل الموت بشكل أفضل. ولكن بوجود الوقت ماثلاً أمام
المرء في كل حركاته وسكناته، ستبقى الذكريات تؤرّقه حتى يريحه الموت منها.
باختصار: ليست المشكلة في أن نموت، ولكن المشكلة في ألا نعيش.
..........................................
ماذا لو نسينا تواريخ ميلادنا ؟؟
................................
في جلسة شبابية، كنا نتحدث عن التقدم في السنّ، فقال لنا أحد الموجودين
انّه لا يعرف تاريخ ميلاده بالتحديد، وقال أيضاً ان معظم أترابه المولودين
في قريته الصغيرة لم تدون تواريخ ميلادهم بالتحديد، حيث اعتمد الأهالي في
تقريب تواريخ الميلاد على ربطها بأحداث شهيرة في تلك الفترة.
تساءلت عندها، ماذا لو لم نكن نعلم تواريخ ميلادنا؟ فقال أحد الحضور ان
ذلك سيرفع الحرج عن كبار السن، وخصوصاً النساء اللائي تتوقف أعمارهن عادة
عند التاسعة والعشرين. أما زميلي الآخر فقد رأى بأن ذلك قد يؤدي إلى فوضى
في بعض الأوقات، وأظنه كان يعني وقت دخول الإنسان المدرسة أو عند شرائه
الدواء من الصيدلية.
أظن أننا لو نسينا تواريخ ميلادنا فإن حياتنا ستكون أفضل، فعلى الأقل لن
نعدّ الأيام والشهور كما نفعل اليوم، وبالتالي، سيقل الطلب على مساحيق
التجميل وستفقد عمليات التجميل شيئاً من لمعانها. ولو نسينا تواريخ ميلادنا
فإن السنّ لن تكون أحد معايير التوظيف والترقية في العمل، ولن تقتصر
المناصب العليا على من هم فوق سن معيّنة، وسيكون الإبداع والإنتاج الجيد
هما المعياران الرئيسيان لكل من أراد أن يتقلّد منصباً رفيعاً.
لو نسينا تواريخ ميلادنا فسينتهي التنجيم، وستتوقف صفحات الأبراج والحظ
في صحفنا ومجلاتنا العربية. ولن يتمكن قارئو الفناجين وضاربوا الودع من
معرفة المستقبل لأنّهم يجهلون الحاضر، وسيتم استبدال صفحات الأبراج بأشياء
مفيدة وأكثر جدية للقارئ العربي. ولو نسينا تواريخ ميلادنا فلن تلاحقنا
أخبار حفلات أعياد ميلاد النجوم والفنانين والمشاهير. وستكون ميزانياتنا
أكثر استقراراً حيث اننا لن نضطر أن نشتري هدية في عيد ميلاد قريب أو صديق
في كل شهر.
لو نسينا تواريخ ميلادنا فسيزيد إيماننا، لأننا عندها لن نربط الموت
بتقدم العمر، وسنكون مستعدين له في أي وقت. وعندما يزيد الإيمان في قلوبنا
فإننا سنرتقي إلى الحرية، لأننا عندها لن نحتاج إلى البشر كثيراً.
إن الحرية لا تهبط إلى مستوى الشعوب، بل الشعوب هي التي ترتقي إلى
الحرية. إننا نسعى دائماً للحصول على المال في أسرع وقت حتى نستمتع به قبل
سنّ معيّنة، ونخشى أن نصل إلى سنّ متأخرة دون أن تكون حساباتنا البنكية
ملأى بالأموال الطائلة.
ولو أننا نسينا تواريخ ميلادنا فإن المال لن يصبح ذا قيمة كبيرة كما هو
اليوم، وستكون وحدها الأعمال العظيمة هي التي تحدد مكانتنا في المجتمع،
فكلّما عظمت أعمالنا كلّما تكمّلنا بالوقار والهيبة اللذين سيكتسبهما الشاب
عندها بإنجازه عوضاً عن أن يكتسبهما الطاعن في السن الذي ـ في كثير من
الحالات ـ لا شأن له فيها إلا كبر سنّه.
وحينها، لن ترتبط الحكمة بتقدم السنّ، ولكن بالقول السديد والعمل
الشريف. ولن ترتبط الحكمة أيضاً بكثرة التجارب، بل ستكون كما قال برنارد
شو: «يكتسب الرجال الحكمة لا بسعة تجاربهم، بل بقدرتهم على التجربة».
لو نسينا تواريخ ميلادنا فلن تكون هناك سنّ معيّنة للتقاعد، وسيكون
الأمر راجعا للإنسان لا لقوانين العمل، وسيظل المبدع يقدم ما بوسعه كل يوم
حتى يأتي اليوم الذي يقف فيه عن الإنتاج، ولكن باختياره لا باختيار
الآخرين.
ليس للإبداع سنّ معينة، فكم من روائي وعالم ومفكر بدؤوا حياتهم
الإبداعية فوق سن الأربعين والخمسين والستّين، ولكنّها من بعض المفاهيم
الإنسانية التي قيّد الإنسان نفسه بها عندما تناقلها من جيل إلى جيل واعتقد
بصحّتها.
لو نسينا تواريخ ميلادنا فسنبقى طموحين حتى آخر لحظة في حياتنا، فلن
يرتبط الطموح بالشباب فقط، بل سيكون لصيقاً بالأمل الذي كلّما اتّسعت آفاقه
في قلب الإنسان كلّما عاش سعيداً. إن الأمل والأجل يمشيان في خطين
متوازيين لا يلتقيان أبداً، فكلّما اقترب الإنسان من أحدهما ابتعد عن
الآخر.
في كل مرة يقرأ الإنسان فيها تاريخ ميلاده في جواز سفره يقل مخزون الأمل
في قلبه، ويبدأ خط سيره ينحى تجاه أجله، نعلم أن الأجل حقيقة لابد منها،
ولكن الأمل الحقيقي يجعل الأجل بسيطاً ويحوله من فكرة النهاية، إلى فكرة
البداية الجديدة.
لو نسينا تواريخ ميلادنا فسنتمتع بصحة أفضل، فمعظم أمراضنا مصدرها العقل
لا الجسد، وعندما يعد الإنسان سنين عمره يقوم العقل تبعاً لذلك بإجبار
الجسد ليبدأ الانهيار التدريجي حتى يتماشى مع كل مرحلة سنيّة يمر فيها
الإنسان.
وما ان يتذكر الإنسان أنه قد وصل إلى سنّ متأخرة حتى يبدأ جسده باصطناع المرض لكي يشعر بأنه إنسان طبيعي يعيش شيخوخته كباقي البشر!
لننس تواريخ ميلادنا قليلاً ولنُسخّر حياتنا، طالت أم قصرت، لعمل أي شيء
يعيش أطول من حياتنا نفسها، ويبقى بعد أن نرحل، فذلك أفضل ما في الحياة.
............................
القلم الأحمر
.............
قرأت مرة مقولة جميلة تقول: «القائد الجيد يلهم الناس ليثقوا به، أما
القائد العظيم، فإنه يلهم الناس ليثقوا بأنفسهم». ليس بالضرورة أن يكون
القائد قائداً عسكرياً أو قائد دولة، بل قد يكون قائد حافلة، أو مدير شركة،
أو مدرساً في مدرسة ابتدائية، أو موظفاً حكومياً… المهم أنه يؤثر في الناس
بطريقة أو بأخرى.
عندما كنّا صغاراً، كنا نخشى في المدرسة من شيئين، الأول هو الضرب،
والثاني هو القلم الأحمر. وليت الأساتذة استعاضوا بالضرب عن اللون الأحمر،
فهذا الأخير، ما زال يؤرقنا حتى يومنا الحاضر. كانت أصعب لحظات الطالب في
المدرسة، هي تلك التي يقضيها في طابور تصحيح الواجب، ذلك الطابور القصير
طولاً، الطويل زمناً.
كنّا نقف على وجل، ندعو الله ألا يكون مصيرنا كمصير ذلك الطالب الذي
شُوَّهت كراسته باللون الأحمر. نضع الكراسة أمام المدرس ثم نبدأ بالكلام عن
أشياء عديدة لتشتيت انتباهه، وإذا به يستلّ سيفه من جيبه، ويُعْمِلَه، ليس
في الدفتر فقط، ولكن في أحلامنا وطموحاتنا، في ثقتنا بأنفسنا، في
مستقبلنا، وفي عواطفنا ومشاعرنا. وكلّما طعن بسيفه الأحمر كلمة هنا، صرخ
رقم هناك، وإذا به يتلقى ضربة لتودي بحياته هو الآخر.
كان المدرسون في المدرسة يبحثون عن الخطأ، أو عن النصف الفارغ من الكأس،
حتى وإن كان هذا الفراغ يمثل الثلث أو الربع فقط، فإنهم لا ينظرون إلى
الجزء الممتلئ أبداً، وكان كل همّهم هو إسالة الدماء (الحمراء) إلى الركب.
يعتبر اللون الأحمر هو لون الحروب، وعند البعض، هو لون القوة والعنف،
كما يصور البعض الشيطان على أنّه أحمر. وعند البعض أيضاً،
يرتدي كثير من رجال الأعمال ربطة عنق حمراء للتعبير عن قوّتهم وإصرارهم،
وفي بعض المناسبات، تُفرش لكبار الشخصيات سجّادة حمراء للتعبير عن
أهميّتهم في المجتمع. أما في الإضاءة، فإن الأحمر يعتبر لون الخطر، فإشارة
التوقف لونها أحمر، وسيارة الإسعاف تشعل الضوء الأحمر عندما يكون المريض في
حالة خطرة.
في الصين والشرق بصورة عامة، يعتبر اللون الأحمر هو لون البهجة والفرح،
فالعروس تلبس اللون الأحمر يوم زفافها، أما في جنوب إفريقيا، فإنه لون
الحِداد، وفي روسيا، فإن الأحمر قد استخدم في شعارات الثورة البلشفية،
وأصبح منذ ذلك الحين لصيقاً بالشيوعية.
أعرف أحد الأشخاص الذين يخافون من استخدام القلم الأحمر، حيث يرفض أن
يدخله مكتبه أو حتى بيته، وعندما سألته عن السبب، قال لي بأن القلم الأحمر
يمثّل له التسلّط، فبذلك القلم البسيط، كان أستاذه يريه الويلات كل يوم،
وكان كلّما استلم شهادته، يرى بها دوائر حمراء، ودائماً ما كان يتساءل،
لماذا لم تكن زرقاء أو خضراء! فقلت له إن الأحمر أكثر وضوحاً، فقال لي:«بل
لأنّه أكثر دموية».
نشأنا ونحن نحب ذلك القلم ونكرهه في نفس الوقت، وكنّا نسعى للحصول على
نجمة حمراء أو اثنتين في كراسة الواجب حتى نريها لكل من في البيت. وعلى
الرغم من أن بعضنا كان متأكداً من أنه قد حلّ الواجب بطريقة سليمة، إلا أن
كل شيء كان يعتمد على مزاج المدرّس ولا شيء آخر.
لم يفكّر أحدنا يوماً أن يناقش المدرس في قلمه الأحمر، بل إننا لم نفكّر
يوماً أن المدرس قد يكون على خطأ ونحن على صواب. لم تكن الحقيقة همّنا،
وكنّا نسعى في المدرسة من أجل إرضاء المدرس وليس فهم الدرس. طلب منّي أحد
المدرسين مرة أن أكذب ففعلت دون أن أتردد، وما كان منه إلا أن ضربني بعصاه
«الحمراء» معللا ذلك بأنه كان يريد أن يختبرني فقط، وكان علي أن أرفض قول
الكذب، ولكنني كنت أقسم لزملائي بأنني لو رفضت طلبه لضربني أيضاً.
كان القلم الأحمر مصدر تشويش نفسي لنا كطلبة، فبجرّة منه كنّا نرتفع،
وبأخرى كنا نسقط. أحد أساتذتي كان يعلّق ثلاثة أقلام في جيبه العلوي، كلّها
حمراء، وكان عندما يريد أن يستخدم لوناً آخر، كان يستعيره أو بالأحرى
ينتزعه من أحد الطلبة.
في الأفلام والمسلسلات، عندما تغضب الحكومة فإنها تغلق دكّان فلان
بالشمع الأحمر، ومازلنا نسمع حتى اليوم بأنه علينا ألا نتجاوز الخطوط
الحمراء. لابد وأن يكون كل خطر أحمر مصدره ذلك القلم المقيت، الذي لا يزال
مداده يضخ في عالمنا العربي في كل صغيرة وكبيرة، فالذين يُغضِبون المدرس
تفجّرهم الألغام المدسوسة بعد الخط الأحمر مباشرة، والذين يُرضُونه تُفرش
لهم السجادة الحمراء،
أقترح أن نقاطع اللون الأحمر، ونستعيض عنه بالأخضر، فالأخضر هو لون
السلام، ولون العشب، ونجده في معظم شعارات «أيرلندا» ذات الطبيعة الخلاّبة.
والأخضر أيضاً هو لون راية الإسلام، وهو يرمز إلى الربيع دائماً. ولكي
نفعل ذلك، فإنني أقترح أن تعلن وزارات التربية والتعليم في جميع أنحاء
الوطن العربي منع استخدام الأقلام الحمراء، واستخدام الأقلام الخضراء بدلاً
منها، علّنا نوجد جيلاً عربياً جديداً يحب المدرس، ويعمل معه لا من أجله.
ذات إنصات لحيرة كتبت "الموت أسئلة بلا أجوبة " تدوينة قديمة نوعا ما إلا أن مجرد أن قرأت بداية المقالةالأولى حضرت لذهني ....و هي من زاوية أخرى تربيتة على التدوينة الأخيرة لي :)
ردحذفجميل أن نجد ما يعانق مخاوفنا أو يربت عليها بين أفكار العمالقة ...لكن الأجمل أن نستكين لها فعلا و نهدأ.
زهور ...شكرا لهذا الأريج الذي تنثريه وتعشقه أرواحنا حد الثمالة.
حياك الله اختي حنين العزيزة
حذفبورك حضورك
صباح الخير
ردحذفوجزاك الله خيرا على انتقاءات اسعد دائما بقراءتها
يسعد ايامك غاليتي مي
حذفودمت بخير
يذكرني بعض ما ورد في هذه المقالة قول الشاعر:
ردحذفابكي الذين مضو والهجر يبعدهم... والنازحين وهم بالقلب سكّانُ
كنّا وكانو بلذيذ العيش ثم مضو... كاّنما قط ما كنّا وما كانو
مقال مؤثر ،شكراً على جهودك الطيبة
(ابو هاشم)
الشكر لبصمتك استاذابوهاشم الفاضل
حذفوأطال الله عمر الجميع
الاخت زهور الريف ...اختيار موفق من كتاب بيكاسو وستاربكس..والذي كنت قد اطلعت عليه كامل بعد ان نشرتيه سابقآ.....مواضيع جميله تعبرعن فلسفة وعمق في الرؤيا للعالم والحياة من قبل الكاتب...اشكرك على كل ما تنشري من صنوف المعرفة.....
ردحذفاشكر حضورك الراقي استاذ البحر الكريم.
ردحذفوله كتاب اخر بعنوان
على لسان الطائر الازرق .
اختى الغاليه زهورى
ردحذفيسعد صباحك واطال لله فى عمرك صديقتى فحديثك عن الموت امر يؤرق الناس جميعا وبخاصه عندما يكون الانسان مسؤل عن اسره يهمهم ان يعيشوا فى سعاده من بعده ولكن الامر ليس بايدى الا الله والموضوع الاخر القلم الاحمر الذى خفف بعض الشئ عن الموضع الاول لكن فكرنا بطرائف مواقفنا التى كنا نقع فيها جزاكى الله خيرا على مجهودك فى البحث فانتى موسوعه ثقافبه فكريه عاليه دمتى بالخير دائما
اهلا اختي الغالية
حذفالموت حق علينا
ومن خلق لا ينسى عباده .فللكون مسيره على مشيئته .
والركون الى الدنيا امر مذموم .
والكيس من عمل لما بعد الموت .وعندما يسترد الله امانته فما علينا الا الرضا بالمكتوب .
بارك الله فيكي وحفظك لبناتك ولعائلتك ولم اقصد من اختياري السابق الا التذكير .
دمت لي اختا عزيزة ياطيبة .
يسعد مساكي صديقتي الغاليه
ردحذفادراج رائع استسلمت لقرائته دون ملل
سلمت يداكي
اهلا رغودة الغالية العزيزة
حذفاهلا اختي
اسعدك الله اينما كنتي وبارك الله في وقتك وصحتك وحفظ لك عائلتك الكريمة .
ودمت لي سندا وذخرا
اختى وصديقتى زهورى العطره
ردحذفتالمت لخبر وفاه خالك رحمه الله عليه وبخاصه الخال يذكرنا بلحظه وفاه امنا الغاليه اسكنهم جميعا الفردوس الاعلى من الجنه اللهم الهمك الصبر والسلوان
بارك الله فيكي اختي الكريمة
ردحذفوجزاك الله كل خير
اختيارات موفقة شكرا لك
ردحذفالشكر لحضورك اختي العزيزة
ردحذفياريت ترديلي بسرعه لانو ابغا ضروري
حذفمعليش بس انا بكرا عندي بحث ف مادة العربي وابا اعرف ايش اهداف الرواية
ردحذفعفوا . الكتاب عبارة عن مقالات منوعة باسلوب مميز للكاتب
ردحذف